مصر ودول حوض النيل …مستقبل له تاريخ (2) جنوب السودان

فى سلسلة مصر ودول حوض النيل اتناول اليوم دولة جنوب السودان التى ليست لها حدود جغرافية مباشرة مع مصر، إلا أنها وبكل المفاهيم السياسية والاستراتيجية تمثل عمقاً حيوياً لنا.

ومصر لها علاقات وثيقة بجنوب السودان، فنحن من أوائل الدول التى أعلنت اعترافها الرسمي بالجمهورية الوليدة فى يوليو 2011، كما ساعدناها من خلال تنفيذ العديد من المشروعات التنموية والخدمية ومشروعات البنية التحتية، حيث وافقت مصر خلال مؤتمر أوسلو 2005 على منحة بلغت 10 مليون دولار منها مليون دولار نقدى لصندوق المانحين و9 مليون دولار لتنفيذ العديد من المشروعات التنموية فى مجالات مختلفة مثل الكهرباء والزراعة والري والصحة والتعليم، كما وافقت مصر أثناء الزيارة الأولى للرئيس سلفاكير لمصر فى نوفمبر 2006 على تنفيذ العديد من المشروعات التنموية فى المجالات المختلفة لمساعدة الدولة الوليدة على النهوض والارتقاء بالمستوى الاجتماعي لشعبها.

فى مجال الموارد المائية، فقد وقعت مصر وجنوب السودان فى نوفمبر 2006 مذكرة تفاهم لتنفيذ العديد من المشروعات الخدمية والتنموية بتكلفة مالية قدرها 26,6 مليون دولار، منها مشروع مقاومة الحشائش وتطهير المجرى المائي لنهر النيل بمنطقة حوض بحر الغزال لتحسين الأحوال المعيشية والصحية لأهالي هذه المناطق، حفر وتجهيز30بئر جوفي مزودة بشبكة توزيع المياه وخزانات علوية لتأمين مياه الشرب النقية، تنفيذ سدود حصاد مياه الأمطار، الانتهاء من إعداد دراسات الجدوى الفنية لمشروع سد واو متعدد الأغراض لتوفير2 مليار م3 من المياه وتوليد 10 ميجاوات من الكهرباء وتوفير مياه الشرب لحوالي 500 ألف نسمة، والاستفادة من هذه المياه فى الري التكميلي لحوالي 30-40 ألف فدان، حيث كانت مصر قد دعمت جنوب السودان بمنحة قدرها مليون دولار لإعداد دراسات الجدوى الفنية لسد واو لدعم الاستثمار الزراعي وسد الفجوة الغذائية بعدد من الولايات الجنوبية.

كما قامت الوزارة بإنشاء المعمل المركزي لتحليل نوعية المياه بجوبا، والذي يعد الأول من نوعه بها، حيث تم تجهيزه بأحدث التقنيات والأجهزة لإجراء كافة أنواع التحليلات، للحد من مخاطر التلوث وحماية الصحة العامة، ويتم تأهيل عدد من الكوادر على آليات التشغيل والإدارة والصيانة لتحقيق أقصى استفادة ممكنة من هذه المعامل.

كما ان وزارة الموارد المائية والرى منذ عام 2008 وحتى الآن، نظمت 15 دورة تدريبية حضرها نحو 154 متدربا في مختلف مجالات الموارد المائية والري ، استهدفت رفع كفاءة الكوادر الهندسية والفنية من أبناء جنوب السودان.

وقد قمت منذ توليت مسؤولية الوزارة بـ 3 زيارات الى جنوب السودان خلال 6 شهور وهو رقم غير مسبوق فى تاريخ وزراء المياه السابقين كلهم ويعبر عن اهتمام مصر بتنمية العلاقات مع هذه الدولة الوليدة ودفع عجلة التنمية بها، وقد إلتقيت مرتين مع السيد سلفاكير رئيس الجمهورية، كما كنت رئيسا لبعثة الشرف المصاحبة له عند زيارته الأخيرة للقاهرة، وقد كانت الزيارة الاخيرة لى لجنوب السودان فى ابريل الماضى، والتى شهدت جولة تفقدية نهرية فى بحر الجبل بدءًا من مدينة جوبا ثم اتجهت شمالا لتفقد المرحلة الأولى من تأهيل مجرى بحر الجبل ليكون ممراً ملاحياً، والذى سيكون له أهميته الاستراتيجية فى ربط المدن والقرى المطلة عليه مما سيسهل التجارة البينية وينعكس ايجابياً على تحسين الأحوال البيئية والصحية للمواطنين المقيمين حوله.

ومن المقرر أن يقوم مجموعة من خبراء الوزارة فى أغسطس القادم ببعثة إستكشافية ببحر الجبل لإجراء الدراسات الهيدرولوجية والمساحية الأولية اللازمة لتأهيل 100 كم من المجرى المائى بين العاصمة جوبا ومدينة جميزة شمالاً  ليكون ممراً ملاحيا. وقد علق بذهنى منظر الاطفال الجنوبيين وهم يصيحون فرحا عند إفتتاح 4 محطات مياه شرب وإنطلاق المياه النقية من الصنابير لتروى الشعب الجنوبى بمياه نقية انتظروها طويلا.

ولم يتوقف الدعم المصري لجنوب السودان بشأن المشروعات التنموية والخدمية ومشروعات البنية التحتية عند هذا الحد، بل تجاوزه إلى التوقيع على مذكرات تفاهم لمشروعات أخرى فى مجالات الشباب والطلائع، والزراعة والكهرباء والصحة، وتوقيع اتفاقية فى الموارد المائية والري وذلك أثناء زيارة رئيس جنوب السودان إلى مصر فى نوفمبر الماضى.

حفظ الله مصر وشعبها ونيلها من كل سوء