استكمالا لسلسلة المقالات عن مفاوضات سد النهضة التى بدأناها منذ أسبوعين وتناولنا فى المقال السابق الحديث عن المحطة الثانية التى شهدتها اديس ابابا فى سبتمبر 2014 على المستوى الوزارى ونستكمل اليوم الحديث عن المحطة الثالثة التى شهدتها القاهرة فى اكتوبر 2014 متمثلة في الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية الوطنية على المستوى الوزارى لفحص ترشيحات المكاتب المطلوبة وبالرغم انه كان مخططاً أن يكون هناك قائمة بتسعة مكاتب بعد تحديد ثلاثة ترشيحات لكل دولة إلا أن الاختيارات قد تطابقت مصادفة بين مصر والسودان حول مكتبين وبذلك اصبح لدينا قائمة من سبعة مكاتب تلقت خطابات معتمدة من الدول الثلاث لتجهيز عروض لتنفيذ الدراسات المطلوبة، كما تم وضع برنامج زمنى محدد بالتواريخ لأعمال اللجنة. مع الوضع في الاعتبار عامل الوقت الضاغط والحرص على تنفيذ خارطة الطريق حسب الجدول الزمني المتفق عليه.
البند الوحيد الذي تم إرجاءه من الاجندة المقترحة من الجانب المصري هو ما يتعلق بوضع معايير إختيار الخبراء الدوليين الذين سيتم اللجوء لهم حال الوصول لنقاط خلافية حول التقرير النهائي الذي سيصدر عن المكتب الاستشاري بخصوص الدراستين الموصي بهما في التقرير النهائي للجنة الدولية للخبراء الصادر في مايو 2013، وهو الامر الذي ابدت فيه مصر بعض المرونة في ضوء عدم الحاجة لهؤلاء الخبراء فى الوقت الحالى إلا بعد صدور التقرير النهائي للدراستين.
اما المحطة الرابعة فكانت فى نوفمبر 2014 فى القاهرة على مستوى الخبراء حيث تم توجيه دعوة للمكاتب للحضور، وفيها تم الرد على استفسارات المكاتب المقدمة للعروض الفنية حيث تم تجميع كافة إستفسارات الشركات وتم عقد جلسة مغلقة بين ممثلي وفود الدول الثلاثة وقام الوفد المصري بعرض مسودة للردود على تلك الاستفسارات وقد تمت مناقشات عديدة لتلك الردود استمرت ما يقرب من ثماني ساعات متصلة الي ان تم التوافق بين الثلاث دول على كافة الردود ، فيما عدا نقطة واحدة متعلقة بأسلوب تقييم العروض فيما يخص مدة إتمام الدراسة حيث تم ارجاء الرد على تلك النقطة لحين التشاور بين الدول الثلاث وهو ما تم لاحقا من خلال المراسلات بين الدول الثلاث.
وربما البعض يستشعر بطول الوقت والإجراءات ولكن لابد الاشارة اننا امام قضية ربما فريدة من نوعها على المستوى العالمى وان اختيار هذا المكتب الاستشارى وتوصيف مهامه بكل دقة لضمان مستوى جيد من الدراسة العلمية تتطلب كل هذا الوقت .
المحطة الخامسة وكانت من المحطات الهامة حيث شهدت زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي لأديس ابابا فى يناير 2015 لحضور فعاليات القمة الأفريقية الرابعة والعشرين، وكان لى شرف مرافقة سيادته مع السيد وزير الخارجية والوزيرة القديرة فايزة ابو النجا مستشار السيد رئيس الجمهورية وباقى الوفد المرافق لسيادته وتشرفت بحضور الجلسة الافتتاحية للمؤتمر وبعض المقابلات الثنائية مع بعض القادة الافارقة وقد اضطر السيد رئيس الجمهورية لقطع باقى زيارته لأديس ابابا فور علمه بالحادث الارهابى للجنود المصريين البواسل فى سيناء، وقد قمت على هامش تلك الزيارة بعقد لقاء ثنائى مع السيد / اليماهو تيجنو وزير المياه والطاقة الإثيوبي تناول النقاط العالقة فى أعمال إختيار احد المكاتب الاستشارية الذى سيقوم بالدراسات الخاصة بسد النهضة، كما تم تسليم نسخة من الدراسات الوطنية المصرية للوزير الأثيوبي والتي تؤكد قلق مصر من حجم التخزين المزمع لسد النهضة. وقد تم الاتفاق على تحديد موعد للقاء القادم للجنة الثلاثية بأديس أبابا.
كل هذه الجهود ماهى الا نموذجا لما يبذله جميع المسئولين عن هذا الملف على كافة المستويات، والذين يعملون بدعم كامل من القيادة السياسية المستنيرة التى تدرك أهمية وخطورة الملف على الاجيال القادمة وتبذل ونبذل معها كل غال ورخيص فى سبيل تحقيق الامن المائى لهذه الامة حيث نعمل جميعا على الوقوف صفا واحدا للزود عن الحقوق المائية لهذا الشعب العظيم .
ونواصل فى الحلقات القادمة الحديث عن باقى محطات التفاوض ومايبذل من جهود فى هذا الملف فى إطار من الشفافية المستحقة لهذا الشعب الأبى.
حفظ الله مصر وشعبها ونيلها من كل سوء