محطات هامة فى ملف سد النهضة (1)

ابدأ اليوم سلسلة جديدة عن سد النهضة، الموضوع الذى يشغل خلال السنوات الاربع الاخيرة حيزا واسعا من اهتمامات المصريين بكل شرائحهم، فمصر هبة النيل قولا وفعلا ، ومن حقهم ان يكونوا على علم بكل  المجهودات  التى تبذل لحماية المصالح المائية المصرية.

فقد انتهت الاسبوع الماضى الجولة السابعة من مفاوضاته والتى انعقدت بالعاصمة السودانية الخرطوم واستمرت لمدة ثلاثة ايام، وقد نجح الاجتماع فى وضع تصور كامل لتنسيق العمل بين المكتب الإستشارى الرئيسى ( الفرنسى ) والمكتب المساعد ( الهولندى) من حيث الادارة والمسئوليات ونسب المشاركة فى جميع الدراسات المائية والبيئية والاقتصادية والاجتماعية .

كما تم وضع خارطة طريق للخطوات والاستحقاقات المستقبلية، وهى تتضمن استلام العرض الفني المحدث طبقا للمتفق عليه مؤخرا بالخرطوم من المكتب الفرنسي في موعد أقصاه 12 أغسطس. يتم بعدها  دراسته على المستوى الوطني بكل دولة، ويلي ذلك عقد الاجتماع الثامن للجنة الوطنية الثلاثية بأديس أبابا خلال الفترة (20-21) أغسطس. وخلال هذا الاجتماع سيتم فتح العرض المالي، واعداد تقرير مجمع بملاحظات الدول الثلاث بعد تقييم العرض الفنى والمالي، ثم دعوة المكتب الفرنسي لمناقشة العرض الفنى المحدث فى وجود المكتب الهولندي.

والحقيقة ان نتائج اجتماع الخرطوم تأتى تتويجا لمجهودات عام كامل بدأ فى اغسطس 2014 ، وهى مجهودات لا تنسب لوزارة الموارد المائية والرى وحدها، لكنها تعود للحكومة المصرية بكل جهاتها المعنية، كما لا يمكن ان ننكر جهود الدبلوماسية المصرية ذات الخبرات العميقة التى كانت احد اهم عوامل النجاح الذى تحقق والتى كرست كل مجهوداتها للتوصل الى حل بعد فترة سكون سابقة استغرقت عدة اشهر وتوقفت خلالها المفاوضات. لكن قرار العودة كان قرارا شجاعا أتى بعد استحقاق انتخابي رئاسي مثل خطوة هامة فى خارطة الطريق لمصر فيما بعد يوليو 2013، ليعطي قوة وزخما للموقف المصري. حيث شهدت الفترة الماضية تسع محطات هامة مر عليها قطار المفاوضات فجميعنا يذكر القمة الافريقية التى شهدت عودة مصر للساحة الافريقية والتى التقى على هامشها الرئيس عبد الفتاح السيسى مع رئيس الوزراء الاثيوبى ديسالين، وكان من نتيجتها اعلان مالابو الذى وضع اسس كل التحركات التى شهدها العام الماضى. وقد تضمن الاعلان سبعة مبادىء هامة وضعت اسس التعامل بين مصر واثيوبيا فى مجال الموارد المائية وقد تضمنت احترام مبادئ الحوار والتعاون كأساس لتحقيق المكاسب المشتركة وتجنب الأضرار ببعضهم البعض، ووضع أولوية لإقامة مشروعات إقليمية لتنمية الموارد المالية لسد الطلب المتزايد على المياه ومواجهة نقص المياه، احترام مبادئ القانون الدولي، والتزام الحكومة الإثيوبية بتجنب أي ضرر محتمل من سد النهضة على استخدامات مصر من المياه، والتزام الحكومة المصرية بالحوار البناء مع إثيوبيا، والذي يأخذ احتياجاتها التنموية وتطلعات شعب اثيوبيا بعين الاعتبار، التزام الدولتين بالعمل في إطار اللجنة الثلاثية بحسن النية وفى اطار التوافق. وقد تمخض الاعلان عن الاستئناف الفوري لعمل اللجنة الثلاثية حول سد النهضة بهدف تنفيذ توصيات لجنة الخبراء الدولية، واحترام نتائج الدراسات المزمع إجراؤها خلال مختلف مراحل مشروع السد.

ومن هنا وجدت من المهم، وبعد مرور عام من تولى إدارة هذا الملف، إحاطة القارىء بأهم محطات سد النهضة الذى لاتملكه وزارة الموارد المائية والرى وحدها وانما هو ملك كل المصريين.

المحطة الاولى كانت فى السودان  فى اغسطس 2014 حيث عقد أول اجتماع ثلاثي لبحث اسلوب تنفيذ توصيات اللجنة الدولية لخبراء سد النهضة والتوصل لخارطة طريق بعد فترة السكون السابقة التي شهدها الملف وللاستفادة من حالة الزخم التى اشاعها اعلان مالابو، عقد الاجتماع وسط أجواء ودية مهد له عدد من الاتصالات والتحركات المشتركة على المستوى الفني والسياسي بين الدول الثلاث، وقد تم الاتفاق خلال الاجتماع على عدد من التوصيات كان من أهمها أن يتم تشكيل لجنة ثلاثية وطنية للإشراف على تنفيذ الدراستين الموصي بهما في تقرير اللجنة الدولية للخبراء الصادر في مايو 2013، وكذلك أن يقوم المكتب او المكاتب  الاستشارية الدولية بإتمام تلك الدراسات، وكذلك تم اعتماد نطاق عمل الدراستين دون تعديل، والموصي بها من قبل اللجنة الدولية للخبراء.

ونكمل المحطات فى المقال القادم ان شاء الله

حفظ الله مصر وشعبها ونيلها من كل سوء