بينما كانت قلوب وعيون كل المصريين معلقة على شاشات التليفزيون تراقب احتفال مصر بافتتاح قناتها الجديدة فى 6 أغسطس الحالي، كلفت بالوجود فى مطار القاهرة أشارك فى مراسم استقبال وتوديع ضيوف مصر الذين وفدوا لمشاركة المصريين فرحتهم بإنجازهم العظيم.
72 ساعة أمضيتها فى الصالة الرئاسية، أتيح لى خلالها ان ألتقى 28 ضيفا منهم ملك البحرين وأميرالكويت و6 رؤساء دول و4 نواب للرؤساء و9 من رؤساء الوزارات ومستشارى وممثلى الدول و7 وزراء.
وقد دارت حوارات متنوعة أثناء فترة الانتظار، لكننى حرصت على أن أتوجه لكل ضيف بسؤال مباشر عن انطباعه عن مشروع القناة، كيف يراه؟ وكيف يرى مصر الجديدة بعد 30 يونيو 2013. وقد تنوعت الإجابات، لكن هناك عبارات جاءت على لسان الضيوف ومازالت عالقة فى ذهنى واحببت ان يطالعها معى السادة القراء.
قال لى جلالة الملك حمد بن عيسى ملك البحرين قبل أن يصعد على سلم طائرته: نحن نحب مصر بلدنا الثاني، ونتمنى لها كل خير وازدهار، والاحتفالية كانت رائعة تليق باسم مصر. أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الذى يتميز بابتسامة بشوشة، ابدى اعجابه بالمشروع الذى وصفه بانه اعجاز هندسي، كما ابدى سعادته القلبية بقدرة المصريين على تنفيذ هذا الاعجاز. اما خالد الفيصل امير مكة ومستشار خادم الحرمين الشريفين فقد قال بصوته الهادئ العميق: ان مارأيته اليوم يجسد مصر التى أعرفها ويعرفها كل السعوديين وغير ذلك ليست هى مصر التى نعرفها. وقد شرفت باستقبال ووداع رئيس الوزراء الإثيوبى هايلى مريام ديسالين الذى حرص على قبول الدعوة الرئاسية بالرغم من تعارضها مع ارتباطات وطنية قوية له داخل إثيوبيا. وهو شعور طيب منه، وقال لى هذه هى المرة الثالثة التى ازور فيها مصر فى احتفاليات متنوعة، وقد سبق حضوره المؤتمر الاقتصادى الذى عقد فى شرم الشيخ فى شهر مارس الماضى وكذلك حضور مؤتمر التكتلات الافريقية فى شرم الشيخ ايضا، واكد ديسالين وحدة المصير بين الدولتين، وقال ان اى خير لمصر هو خير لإثيوبيا والعكس صحيح، كما اشار الى رغبته فى سرعة التعاقد مع المكتب الاستشارى المكلف بإجراء دراسات سد النهضة. وقد كان الحضور الإفريقى لافتا فى حفل الافتتاح، حيث شاركت فى مراسم استقبال وتوديع 13 مسئولا افريقيا من داخل حوض النيل ومن خارجه. وهى اشارة مهمة على التأثير المصرى الذى تمتد اطرافه إلى قلب القارة الإفريقية بعد غياب طويل. وكان محور الحديث مع الضيوف الأفارقة هو اشادتهم بان قناة السويس الجديدة لا تعطى درسا للمصريين وحدهم، بل تعطى درسها للعالم كله عن قوة الإرادة المصرية وعلى التخطيط الجيد والعزم على النجاح، وهى كلها مقومات رآها الإخوة الافارقة فى المشروع الجديد، وان هذا المشروع هو فخر لكل إفريقيا وليس مصر وحدها.
وانتهزت هذه المناسبة لإجراء مباحثات مع وزراء دول حوض النيل (الكونغو الديمقراطية وأوغندا وبوروندي) الذين قدموا لتمثيل بلادهم فى الحفل لتعزيز التعاون معهم. فمصر تقوم حاليا بتنفيذ العديد من مشروعات التعاون الفنى مع دولة الكونغو الديمقراطية بمنحة قيمتها 10٫5 مليون دولار تشمل حفر 30 بئرا جوفية وإنشاء مركز تنبؤ بكينشاسا وتدريب وبناء القدرات وتبادل الخبرات فى مجال الموارد المائية والري، كما نقوم حاليا بتنفيذ حزمة من المشروعات المائية لدولة أوغندا بمنحة قدرها 4,5 مليون دولار تتضمن حفر 75 بئرا و5 سدود حصاد مياه الأمطار، إضافة إلى منظومة التدريب وبناء القدرات للكوادر الأوغندية. وجار حاليا إعداد بروتوكول تعاون مع بوروندى لتوقيعه فى زيارة مرتقبة لها.
كما لايمكن ان أنسى السيدة روبرتا بينوتى وزيرة الدفاع الايطالية التى اعربت لى عن بالغ امتنان بلادها بنجاح مشروع قناة السويس الجديدة، وتقدمت بالتهنئة الحارة لمصر وللرئيس على افتتاح المشروع. وقد اكدت الوزيرة ماقالته لى شفاهة ببيان مكتوب صدر عن الوزارة فور وصولها لبلادها, إن قناة السويس الجديدة عمل هندسى فريد، وممر مائى عملاق، ومشروع اقتصادى ناجح، والاهم من كل ذلك أنه ملحمة عظيمة تجسد آمال وطموحات الشعب المصري، وتؤكد اصطفاف الشعب حول قائده الرئيس عبدالفتاح السيسي، واستعداده الدءوب نحو مزيد من البذل والعطاء من أجل بلدنا الغالية. خالص الشكر والتقدير لكل من ساهم فى هذا الإنجاز العظيم، ربما الكلمات لا تكفى للتعبير عن هذا الشعور بالزهو والافتخار لما سمعته من جميع ضيوف مصر فى حبها وعظمتها وقدرات شعبها،ربما فاتنى الوجود شخصيا على ضفاف القناة لأشارك آلاف الحاضرين فرحتهم ولكن فرحتى ايضا بالمشاركة فى الافتتاح من مطار القاهرة لهو شرف كبير.
مصر بعد قناة السويس يجب ألا تكون هى مصر قبلها، وحجم العمل والإنجاز قبل 6 أغسطس يجب ان يكون مختلفا تماما عما بعد هذا التاريخ الفريد، فكهرباء قناة السويس سوف تسرى فى عروق جميع المصريين. فقد تعززت ثقة المصريين فى قدرتهم على البناء والإنجاز كما قال الرئيس عبد الفتاح السيسى فى كلمته التاريخية فى الحفل، ولا يتبقى لنا إلا أن نتوقف عند القناة الجديدة التى هى خطوة واحدة من ألف خطوة يجب ان نقطعها حتى نحقق آمال وتطلعات وأحلام شعبنا العظيم.
حفظ الله مصر وشعبها ونيلها وقناتها من كل سوء.