تاريخ ومستقبل دول حوض النيل – التكامل المصري السوداني (2)

إنتهت منذ ايام زيارتى للسودان التى امتدت لمدة اسبوع كامل امضيت الثلاثة ايام الاولى منها فى مفاوضات الجولة السابعة لسد النهضة وباقى الاسبوع كنت برفقة د/ صلاح هلال وزير الزراعة على رأس وفد رسمى من الوزارتين الى ولاية النيل الأزرق بالسودان، لتفقد مناطق سنار والروصيرص والتعرف على الإمكانات المتاحة من الأراضى الزراعية والمشروعات الإنتاجية على طول الطريق من الخرطوم الى مدينة الدمازين عاصمة ولاية النيل الأزرق، منتهياً بمزرعة الدمازين التابعة للشركة السودانية المصرية للتكامل.

وقد هدفت زيارتى الاخيرة للسودان لاستكمال أنشطة الزيارة الاولى التى تمت في أبريل 2015، والتخطيط  لتنفيذ حزمة من المشروعات وإعطاء دفعه فى مجال مشروعات التكامل الزراعى والحيوانى وتنمية الثروة السمكية والتجارة البينية بين البلدين. وقد تزامنت الزيارتان الرسميتان مع عدد من الزيارات الفنية للخبراء والمتخصصين من الدولتين لوضع خطط التنفيذ المناسبة، والإستعداد لطرح عدد من العمليات التنموية.

وتشهد الفترة الحالية صياغة آلية جديدة للتكامل بين مصر والسودان في مجال الري والزراعة، والتى تمت ترجمتها فى ضوء قرارات الجمعية العمومية للشركتين السودانية المصرية للتكامل الزراعي، والسودانية المصرية للإنشاءات والرى المحدودة، على أساس أن تسند الأعمال المدنية الى شركة الإنشاءات والرى المحدودة نظراً لخبراتها الكبيرة في مجال أعمال الري والإنشاءات، وذلك لدفع مسيرة العمل في مشروعات التكامل بالسرعة الواجبة.

وتعزيزاً للتعاون مع السودان الشقيق في المجالات الزراعية والمياه والأمن الغذائي فإن وزارة الموارد المائية والرى المصرية تضع كل إمكانياتها الفنية تحت تصرف الجانب السوداني، فضلاً عن تقديم منحة مالية لدعم المشروعات الثنائية في مجال الموارد المائية بقيمة 12 مليون دولار، لتحقيق التنمية المتكاملة والمستدامة فى منطقة الدمازين بصفة خاصة، لما تمتاز به من توفير مخزون كبير من مياه الأمطار والمياه الجوفية لإقامة مشروعات التكامل في هذه المنطقة التى تنعم بالأمن بما يبشر بنجاح المشروعات التنموية. وقد تم بالفعل تخصيص مساحة من 90 الى 100 الف فدان بمنطقة الدمازين بولاية النيل الازرق بالقرب من الحدود السودانية الإثيوبية لإقامة مشروعات الامن الغذائى المشتركة.

وتنتشر منشآت حصاد المياه فى السودان حيث تهدف الى تنمية الموارد المائية خارج مجرى نهر النيل وتحسين الإنتاج الحيواني والزراعي والحماية من أخطار السيول وتغذية المياه حيث يوجد أكثر من 270 حفيرة بسعة إجمالية 16 مليون م3 و21 سد بسعة إجمالية 74 مليون م3، وفى ولاية النيل الازرق وحدها يوجد 28 حفيرة وسدين لحصاد الأمطار.

ويوجد حالياً سبعة حفائر داخل مزرعة الدمازين التابعة للشركة السودانية المصرية للتكامل لتجميع الفائض من مياه الامطار لأغراض الشرب، وستقوم وزارة الموارد المائية والرى المصرية بتأهيل وصيانة وتطهير بعض هذه الحفائر لزيادة كفاءتها وسعتها التخزينية لإستغلالها فى الزراعة الصيفية طول فترة الجفاف.

وبالإضافة الى ذلك فقد أسعدنى مشاركتى أثناء الزيارة الاخيرة  للسودان مع السيد معتز موسى وزير الموارد المائية والرى والكهرباء السودانى فى إجتماع الجمعية العمومية للشركة السودانية المصرية للإنشاءات والرى المحدودة والتى بدأت عملها بالسودان عام 1979 فى مجالات الإنشاءات المدنية وأعمال الحفر وتطهير الترع وقنوات الرى وكذلك أعمال المقاولات العامة والحفر بإستخدام أنابيب البترول.

وقد لمست خلال هذه الزيارة توافر الارادة والعزيمة القوية بين البلدين لتنفيذ التوجهات السياسية للرئيسين عبد الفتاح السيسي وعمر البشير للسعى فى إستمرار مشروعات التكامل على أسس سليمة ومستدامة، يمكن من خلالها الوصول الى أفضل النتائج من هذه المشروعات تحقيقاً لآمال وطموحات الشعبين من الاكتفاء الذاتى من الانتاج الزراعى والحيوانى فى إطار ما تمتلكه الدولتان من مقومات وثروات طبيعية وبشرية وتكنولوجية وبما يعود بالرخاء والتنمية لشعبى وادى النيل.

وختاماً فإننى أؤكد على  ضرورة توطيد العلاقة بين الشعبين المصري والسوداني على كافة الاصعدة لتحقيق التنمية المستدامة والرفاهية لكلا الشعبين.

حفظ الله شعب وادى النيل من كل سوء ،،،